كشف مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء الدكتور فيصل بن عبدالرحيم شاهين، أن قائمة انتظار زراعة الكلى وصلت الآن إلى 3000 مريض من إجمالي 11000 مريض هم على الغسيل الكلوي، موضحا «أن فترة الانتظار للحصول على زراعة كلية تقدر من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهو أمر مشابه أو حتى يتجاوزه لثلاث سنوات في أمريكا والعديد من الدول الأوروبية».
وقال لـ «عكاظ» إن نسبة كبيرة من أهالي المتوفين دماغيا تصل إلى 92 في المائة يوافقون على التبرع بالأعضاء إذا عرفوا أن ذلك كان رغبة المتوفي دماغيا، بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالى 40 في المائة إذا لم يعرفوا بذلك.
وأشار إلى أن زراعة الكلى في الخارج أصبحت مقفلة تماما، خصوصا بعد إعلان إستانبول لمنظمة الصحة العالمية، ناصحا بعدم السفر للزراعة في الخارج، حيث كانت تجرى العمليات بشروط غير صحية أو صحيحة عدا الأمور الأخلاقية. وفيما يلي نص الحوار:
• مازال المجتمع ينتقد خدمات المركز السعودي لزراعة الأعضاء، وضعف إمكانياته وتجاوبه مع الحالات التي تنتظر زراعة الأعضاء وخصوصا الكلى، كيف ترون هذا الانتقاد؟
ــ في الحقيقة أن ظاهرة نقص التبرع بالأعضاء لمرضى الفشل العضوي وخصوصا الكلى هي ظاهرة ليست مقتصرة على المملكة، وإنما هي ظاهرة عالمية تعاني منها كل دول العالم ومن ضمنها أوروبا والدول المتقدمة، ولدينا في المملكة وفقا لإحصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء تتم وسطيا سنويا زراعة حوالى 550 كلية من متبرعين أحياء ومن متوفين دماغيا، مع التنويه أن هناك حوالى 3000 مريض على قائمة الانتظار من إجمالي 11000 مريض هم على الغسيل الكلوي، وتقدر فترة الانتظار للحصول على زراعة كلية من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهذا الأمر مشابه أو حتى يتجاوزه لثلاث سنوات في أمريكا والعديد من الدول الأوروبية.
وانطلاقا من هذه المعطيات ومقارنتها مع الإحصائيات العالمية للدول المتطورة، وأيضا الدول النامية التي ليس بها تبرع بعد الوفاة نجد أن البرنامج المجرى في المملكة يعتبر من البرامج المميزة عربيا وإقليميا.
ضعف الموافقات
• يواجه المركز السعودي لزراعة الأعضاء الكثير من التحديات، منها ضعف موافقات التبرع بالأعضاء من ذوي المتوفين دماغيا أو الأحياء، من وجهة نظركم كيف يمكن مواجهة هذه التحديات؟
ــ مجددا تعتبر مشكلة نقص الأعضاء المتبرع بها، مشكلة عالمية تواجه مراكز الزراعة، ويحتاج موضوع تثقيف المجتمع ككل جهودا جبارة وميزانيات كبيرة وسنوات طويلة من أجل توضيح مفهوم الوفاة الدماغية والتبرع بالأعضاء، فقد لوحظ أن نسبة كبيرة من أهالي المتوفين دماغيا تصل إلى 92 في المائة يوافقون على التبرع بالأعضاء إذا عرفوا أن ذلك كان رغبة المتوفي دماغيا، بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالى 40 في المائة إذا لم يعرفوا بذلك، وزيادة في التوضيح أيضا توجد صعوبات عديدة تواجه برنامج التبرع بالأعضاء في حالة الوفاة الدماغية بين من رفضوا المبدأ، قد ترجع إلى أسباب ومعتقدات كما يراها هؤلاء الأشخاص، ويوجد أشخاص رفضوا لأسباب نفسية أو شكلت العائلة عامل ضغط لرفض التبرع.
وبالمقابل يقوم المركز السعودي لزراعة الأعضاء بنشاطات عديدة، وعلى سبيل المثال تم تنظيم وإجراء العديد من حملات التوعية للمجتمع لدعم برنامج زراعة الأعضاء، ونتطلع إلى مشاركة أكبر من القطاعات الخاصة والحكومية لدعم هذا البرنامج الوطني، وقد تم تخصيص يوم وطني للتبرع بالأعضاء تماشيا مع اليوم العالمي، وتم الاحتفال باليوم العالمي السادس للتبرع بالأعضاء منذ عدة أشهر، كذلك يقوم المركز السعودي لزراعة الأعضاء بإصدار العديد من المنشورات والبروشورات التوعوية، إضافة إلى المجلة السعودية لأمراض وزرع الكلى ومجلة التواصل ويقوم بتوزيعها للهيئات الصحية والعامة والأشخاص والمرضى.
وهكذا فإن العمل على تنشيط التبرع بالأعضاء سوف يؤتي ثمارة في المملكة إن شاء الله، حيث يسعى المركز إلى تحقيق أفضل النتائج، آملين الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في هذا البرنامج الإنساني والوطني النبيل.
معاناة الغسيل
• مراكز الكلى في مستشفيات «الصحة» بدأت تشكو من ضغط مرضى غسيل الكلى لدرجة أصبح البعض منهم لا يجد الموعد المناسب لإجراء الغسيل، كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
ــ لابد من المشرفين على الخدمات الصحية لمرضى الفشل الكلوي في المملكة الأخذ بالاعتبار الزيادة السنوية المتوقعة للمرضى وتوفير التوسعة اللازمة، وكذلك الاستفادة من إحصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء والتي يتم نشرها سنويا في التقرير السنوي، وتشير بالأرقام إلى معدلات الانتشار للفشل الكلوي عموما ونسب حدوثه خصوصا في كل منطقة في المملكة، ونقوم بدراسات مقارنة لزيادة عدد هؤلاء المرضى، مثلا لاحظنا خلال العشرة أعوام السابقة وجود معدل وسطي لزيادة صافية في أعداد المرضى (بعد استبعاد المرضى الذين أجريت لهم زراعة كلية والوفيات) تعادل 438 مريضا سنويا وبنسبة زيادة سنوية تساوي 8.3 في المائة وسطيا كل عام، وإذا أخذنا بعين الاعتبار النمو السكاني (2.5 في المائة) وعدد الزراعات المجراة سنويا ونسبة حدوث الفشل الكلوي النهائي (حوالى 98 مريضا لكل مليون نسمه تقريبا)، بالتالي يمكن لنا أن نتوقع النسب المستقبلية لزيادة المرضى كل عام وحجم التوسعة اللازمة.
كذلك يوجد تعاون بين المركز السعودي لزراعة الأعضاء ومؤسسات صحية عدة، حيث قامت جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) بجهود مميزة بدراسة ميدانية لأعداد مرضى الفشل الكلوي النهائي والاحتياجات المستقبلية، ووضع خطة يتم تطبيقها منذ سنوات بالاتفاق مع وزارة الصحة من أجل دعم مرضى الفشل الكلوي النهائي بالرعاية والمساعدة في تأمين جلسات الغسيل الكلوي وصرف أدوية ما بعد الزراعة لبعض الفئات الخاصة من المرضى.
وأملنا من جميع الهيئات الصحية في المناطق الاستفادة من إحصائياتنا المنشورة، أما بما يخص منطقة الرياض فإننا نشيد بمبادرة أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، في إنشاء مركز الأمير سلمان لأمراض الكلى بسعة 100 جهاز غسيل كلوي الذي ساهم في تخفيف الضغط على المستشفيات التي تؤمن العلاج بالغسيل الدموي لمنطقة الرياض وكذلك المرضى الزائرين.
أين الخلل؟
• قائمة مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الزراعة تشكو من زيادة المرضى، وضعف الحصول على الكلية المناسبة، أين يكمن الخلل؟
ــ كما ذكرت يوجد العديد من الدراسات التي أجريت في المملكة فيما يخص الفشل الكلوي النهائي ومعدلات حدوثه ونسب انتشاره وهناك العديد من الاستراتيجيات التي اتخذت فيما يخص الكشف المبكر عن الأذية الكلوية، ورغم ذلك توجد زيادة سنوية في عدد المرضى وهذا ليس بخلل وإنما هو حتمي وفق معدلات الزيادة السنوية لعدد السكان، أيضا ذكرت أن مشكلة التبرع بالأعضاء هي عالمية، وبالتالي ضمن هذه المعادلة سوف يكون هناك زيادة حتما في عدد مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الزراعة، وآخر إحصائيات المركز في آخر تقرير سنوي مفيدة جدا في إيجاد حلول على أرض الواقع.
التوجه للخارج
• مازال العديد من المرضى يحدوهم الأمل في السماح لهم بزراعة الأعضاء في الخارج على نفقة المركز، ما رأيكم؟
ــ المركز لا يقوم بإرسال المرضى للخارج إلا في بعض الحالات الخاصة المستعصية غير المتوفر علاجها والتي تضاءلت جدا، أما الزراعة التجارية فلا يوافق المركز السعودي لزراعة الأعضاء على مثل هذه الممارسات، حيث يعتبرها غير أخلاقية، كما تفتقر إلى أبسط الشروط الصحية وهذا ما يؤثر على سلامة المريض المتلقي لزراعة عضو وكذلك المتبرع ومستقبله الصحي.
وقد تمت مراجعة تلك التنظيمات في العديد من الدول من قبل منظمة الصحة العالمية وذلك وفق إعلان إستانبول الذي شاركت المملكة في صياغته والذي يعمل على وجوب إغلاق غالبية تلك المراكز، حيث يخضع المتبرعين الأحياء في تلك الدول للسمسرة ويحصلون على مبالغ زهيدة جدا.
إرهاق الغسيل
• بعض الحالات تتجه للخارج لزراعة الأعضاء وخصوصا الكلى، لاسيما أن حياتهم أصبحت مهددة وأن الغسيل الدموي قد أرهقهم تماما، بماذا تنصحون هؤلاء؟
ــ الزراعة للكلى في الخارج أصبحت مقفلة تماما، خصوصا بعد إعلان إستانبول لمنظمة الصحة العالمية وننصح بعدم السفر، حيث كانت تجرى بشروط غير صحيحة عدا الأمور الأخلاقية، ونؤكد مجددا على أهمية الاكتفاء الذاتي في تأمين متبرع قريب أو غير قريب وفق ضوابط موضوعه وضمن سعي المركز الحثيث لزيادة حالات التبرع خصوصا من المتوفين دماغيا.
تبرع غير الأقارب
• بعد البدء في مشروع التبرع من غير الأقارب بمراعاة الضوابط الطبية، كيف تقيمون استجابة المجتمع مع المشروع؟
ــ بالنسبة للتبرع من الأحياء غير الأقارب، توجد لجان طبية في كل مركز زراعة تدرس كافة حيثيات التبرع من الناحية الأخلاقية والنفسية وعدم تأثير التبرع على صحة المتبرع ومع مرور العام الثاني من التجربة وتطبيقها، نرى أن كافة المراكز ملتزمة أخلاقيا وتتوخى التأكد من عدم وجود أي ممارسة تجارية وتقييمنا أنه يشكل رافد فرعي مهم للمتبرعين الأحياء، على سبيل المثال العام الماضي كان عدد الكلى المتبرعة من الأحياء غير الأقارب 84 كلية من أصل 360 كلية من مجمل عدد المتبرعين الأحياء، لكننا نقبل بهذا الرافد ونأمل زيادة العدد للمتبرعين الأحياء غير الأقارب شرط أنه غير تجاري.
الحوافز المشجعة
• ما هو الجديد في برامج زراعة الأعضاء والحوافز المشجعة للمتبرعين؟
ــ الجديد في برنامج زراعة الأعضاء في المرحلة الحالية هو صدور قرار مجلس الوزراء بتخصيص ميزانية منفصلة للمركز تحت رعاية مجلس الخدمات الصحية وخطة المركز الحالية تتمثل في الاستفادة من هذه الميزانية في إنشاء المكاتب الإقليمية في كل أنحاء المملكة وتطبيق نظام الحوافز الشخصية للمتبرعين وذويهم.
أما بخصوص المتبرعين تعتبر الحوافز المادية تكريما من الدولة للمتبرع، سواء أثناء حياته أو بعد الوفاة، وذلك يعبر من مؤازرة المجتمع للمرضى المصابين بفشل عضوي نهائي وحيوية حصولهم على عضو كالكلية أو جزء من الكبد إنقاذا لحياتهم. وقد جاء قرار مجلس الوزراء الموقر بمنح تعويض مادي للمتبرع الحي بعضو أو جزء منه أثناء حياته تقديرا من الدولة وأسوة بالتعويض المادي المعمول به للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إضافة إلى مزايا متعددة تشمل منح وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة وتخفيض على بطاقات الطيران، وأمور عدة كل هذا بوجود جهة حكومية تشرف على ضوابط التبرع بالأعضاء وتؤكد أهميته الحيوية، سواء كانت من الأحياء أو بعد الوفاة.
منسقو الزراعة
• المنسقون في حالات الوفيات في المستشفيات يحدوهم الأمل في منحهم حوافز مشجعة؛ نظير جهودهم في إقناع الأسر على التبرع، ما رأيكم؟
ــ بخصوص المنسقين لزراعة الأعضاء في المستشفيات والمراكز فقد قامت جمعية الأمير فهد بن سلمان لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) بجهود مميزة لدعم برنامج التبرع بالأعضاء وتوفير حوافز للعاملين في العنايات المركزة والمنسقين ومن ضوابط أخلاقية واضحة، وكان ذلك بمبادرة نيرة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان المشرف العام على جمعية (كلانا) بتبرع خيري من مؤسسة السبيعي لدعم هذا البرنامج الوطني، وقد بدأنا بتوزيع الحوافز للمنسقين العام الماضي، وذلك ضمن معايير واضحة لقاء الجهد الإضافي المبذول في متابعة حالات التبرع وسوف نستمر في صرف مثل هذه الحوافز، والتي كان لها الأثر الطيب في تنشيط التبرع بالأعضاء وزراعتها لدعمهم في صرف الحوافز للمنسقين.
ثقافة المجتمع
• يعاني المركز السعودي لزراعة الأعضاء من ضعف ثقافة المجتمع وتفهمه بالخدمات التي يقوم بها، هل هناك توجه لإعداد برامج جديدة لمواجهة ذلك؟
ــ نعم لدينا برامج لمواجهة ذلك، حيث مازال هناك حاجة ماسة لزيادة ثقافة المجتمع، سواء للعامة أو للكادر الطبي في مختلف القطاعات الصحية، ونحن بحاجة إلى تعاضد وسائل الإعلام معنا، ونشكر لكم دوركم البناء عبر وسائل الإعلام المكتوبة وعبر «عكاظ» تحديدا في إيصال المعلومة الطبية الصحيحة لأفراد المجتمع، ونأمل تفعيل دور الإعلام الإيجابي للأفضل، وأيضا لدينا خطة لحملة وطنية سوف يتم إقرارها مع الميزانية الجديدة للمركز.
المتبرعون بالأعضاء
• كم وصل عدد المتبرعين بالأعضاء الأحياء والمتوفين دماغيا منذ بدء نشاط المركز؟
ــ بلغ عدد حالات زراعة الكلى من المتبرعين الأحياء داخل المملكة منذ بداية البرنامج وحتى نهاية هذا العام 4472 حالة، بينما بلغ عدد حالات الزراعة من المتوفين دماغيا 2219 حالة، بدأ برنامج زراعة الكبد في المملكة في العام 1990 وحتى تاريخه تم زراعة 935 كبدا منها 368 كبدا زرعت من متبرعين أحياء، سواء للأطفال في مستشفى القوات المسلحة الرياض أو للبالغين بكل من مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ومستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام ومستشفى الملك فهد للحرس الوطني، بينما بلغ مجموع الأكباد المزروعة بالتبرع بعد الوفاة 568 عملية زراعة كبد، في هذا العام تمت زراعة 58 من متوفين دماغيا.
وخلال الفترة من 1986 ــ 2010م، تمت زراعة 186 قلبا كاملا بالإضافة إلى 515 قلبا أخرى استخدمت كمصدر للصمامات البشرية، في هذا العام كان عدد القلوب التي زرعت كقلب كامل 18 قلبا، بينما كان عدد تلك التي استخدمت كمصدر للصمامات البشرية 18 قلبا.
التلوث البيئي
• ماهي أسباب تزايد أعداد مرضى الكلى، وهل هناك علاقة بين المرض والتلوث البيئي؟
ــ هناك عدة أسباب رئيسة لتزايد أعداد مرضى الكلى ومن أهمها زيادة نسبة المرضى بالسكري وارتفاع التوتر الشرياني، أما التلوث البيئي فله دور مساعد.
مياه التحلية
• أخيرا، هناك من يرى أن مياه التحلية من أهم مسببات الإصابة بالفشل الكلوي، ما مدى صحة ذلك؟
ــ لا توجد أي دراسات علمية مثبتة أن هناك دورا لمياه التحلية في مسببات الإصابة بالفشل الكلوي، وبشكل عام أيا كانت المياه مادامت معدة وصالحة للشرب فإننا ننصح بزيادة شرب السوائل كعامل وقاية من أمراض الكلى والمسالك البولية.
وقال لـ «عكاظ» إن نسبة كبيرة من أهالي المتوفين دماغيا تصل إلى 92 في المائة يوافقون على التبرع بالأعضاء إذا عرفوا أن ذلك كان رغبة المتوفي دماغيا، بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالى 40 في المائة إذا لم يعرفوا بذلك.
وأشار إلى أن زراعة الكلى في الخارج أصبحت مقفلة تماما، خصوصا بعد إعلان إستانبول لمنظمة الصحة العالمية، ناصحا بعدم السفر للزراعة في الخارج، حيث كانت تجرى العمليات بشروط غير صحية أو صحيحة عدا الأمور الأخلاقية. وفيما يلي نص الحوار:
• مازال المجتمع ينتقد خدمات المركز السعودي لزراعة الأعضاء، وضعف إمكانياته وتجاوبه مع الحالات التي تنتظر زراعة الأعضاء وخصوصا الكلى، كيف ترون هذا الانتقاد؟
ــ في الحقيقة أن ظاهرة نقص التبرع بالأعضاء لمرضى الفشل العضوي وخصوصا الكلى هي ظاهرة ليست مقتصرة على المملكة، وإنما هي ظاهرة عالمية تعاني منها كل دول العالم ومن ضمنها أوروبا والدول المتقدمة، ولدينا في المملكة وفقا لإحصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء تتم وسطيا سنويا زراعة حوالى 550 كلية من متبرعين أحياء ومن متوفين دماغيا، مع التنويه أن هناك حوالى 3000 مريض على قائمة الانتظار من إجمالي 11000 مريض هم على الغسيل الكلوي، وتقدر فترة الانتظار للحصول على زراعة كلية من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهذا الأمر مشابه أو حتى يتجاوزه لثلاث سنوات في أمريكا والعديد من الدول الأوروبية.
وانطلاقا من هذه المعطيات ومقارنتها مع الإحصائيات العالمية للدول المتطورة، وأيضا الدول النامية التي ليس بها تبرع بعد الوفاة نجد أن البرنامج المجرى في المملكة يعتبر من البرامج المميزة عربيا وإقليميا.
ضعف الموافقات
• يواجه المركز السعودي لزراعة الأعضاء الكثير من التحديات، منها ضعف موافقات التبرع بالأعضاء من ذوي المتوفين دماغيا أو الأحياء، من وجهة نظركم كيف يمكن مواجهة هذه التحديات؟
ــ مجددا تعتبر مشكلة نقص الأعضاء المتبرع بها، مشكلة عالمية تواجه مراكز الزراعة، ويحتاج موضوع تثقيف المجتمع ككل جهودا جبارة وميزانيات كبيرة وسنوات طويلة من أجل توضيح مفهوم الوفاة الدماغية والتبرع بالأعضاء، فقد لوحظ أن نسبة كبيرة من أهالي المتوفين دماغيا تصل إلى 92 في المائة يوافقون على التبرع بالأعضاء إذا عرفوا أن ذلك كان رغبة المتوفي دماغيا، بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالى 40 في المائة إذا لم يعرفوا بذلك، وزيادة في التوضيح أيضا توجد صعوبات عديدة تواجه برنامج التبرع بالأعضاء في حالة الوفاة الدماغية بين من رفضوا المبدأ، قد ترجع إلى أسباب ومعتقدات كما يراها هؤلاء الأشخاص، ويوجد أشخاص رفضوا لأسباب نفسية أو شكلت العائلة عامل ضغط لرفض التبرع.
وبالمقابل يقوم المركز السعودي لزراعة الأعضاء بنشاطات عديدة، وعلى سبيل المثال تم تنظيم وإجراء العديد من حملات التوعية للمجتمع لدعم برنامج زراعة الأعضاء، ونتطلع إلى مشاركة أكبر من القطاعات الخاصة والحكومية لدعم هذا البرنامج الوطني، وقد تم تخصيص يوم وطني للتبرع بالأعضاء تماشيا مع اليوم العالمي، وتم الاحتفال باليوم العالمي السادس للتبرع بالأعضاء منذ عدة أشهر، كذلك يقوم المركز السعودي لزراعة الأعضاء بإصدار العديد من المنشورات والبروشورات التوعوية، إضافة إلى المجلة السعودية لأمراض وزرع الكلى ومجلة التواصل ويقوم بتوزيعها للهيئات الصحية والعامة والأشخاص والمرضى.
وهكذا فإن العمل على تنشيط التبرع بالأعضاء سوف يؤتي ثمارة في المملكة إن شاء الله، حيث يسعى المركز إلى تحقيق أفضل النتائج، آملين الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في هذا البرنامج الإنساني والوطني النبيل.
معاناة الغسيل
• مراكز الكلى في مستشفيات «الصحة» بدأت تشكو من ضغط مرضى غسيل الكلى لدرجة أصبح البعض منهم لا يجد الموعد المناسب لإجراء الغسيل، كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟
ــ لابد من المشرفين على الخدمات الصحية لمرضى الفشل الكلوي في المملكة الأخذ بالاعتبار الزيادة السنوية المتوقعة للمرضى وتوفير التوسعة اللازمة، وكذلك الاستفادة من إحصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء والتي يتم نشرها سنويا في التقرير السنوي، وتشير بالأرقام إلى معدلات الانتشار للفشل الكلوي عموما ونسب حدوثه خصوصا في كل منطقة في المملكة، ونقوم بدراسات مقارنة لزيادة عدد هؤلاء المرضى، مثلا لاحظنا خلال العشرة أعوام السابقة وجود معدل وسطي لزيادة صافية في أعداد المرضى (بعد استبعاد المرضى الذين أجريت لهم زراعة كلية والوفيات) تعادل 438 مريضا سنويا وبنسبة زيادة سنوية تساوي 8.3 في المائة وسطيا كل عام، وإذا أخذنا بعين الاعتبار النمو السكاني (2.5 في المائة) وعدد الزراعات المجراة سنويا ونسبة حدوث الفشل الكلوي النهائي (حوالى 98 مريضا لكل مليون نسمه تقريبا)، بالتالي يمكن لنا أن نتوقع النسب المستقبلية لزيادة المرضى كل عام وحجم التوسعة اللازمة.
كذلك يوجد تعاون بين المركز السعودي لزراعة الأعضاء ومؤسسات صحية عدة، حيث قامت جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) بجهود مميزة بدراسة ميدانية لأعداد مرضى الفشل الكلوي النهائي والاحتياجات المستقبلية، ووضع خطة يتم تطبيقها منذ سنوات بالاتفاق مع وزارة الصحة من أجل دعم مرضى الفشل الكلوي النهائي بالرعاية والمساعدة في تأمين جلسات الغسيل الكلوي وصرف أدوية ما بعد الزراعة لبعض الفئات الخاصة من المرضى.
وأملنا من جميع الهيئات الصحية في المناطق الاستفادة من إحصائياتنا المنشورة، أما بما يخص منطقة الرياض فإننا نشيد بمبادرة أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، في إنشاء مركز الأمير سلمان لأمراض الكلى بسعة 100 جهاز غسيل كلوي الذي ساهم في تخفيف الضغط على المستشفيات التي تؤمن العلاج بالغسيل الدموي لمنطقة الرياض وكذلك المرضى الزائرين.
أين الخلل؟
• قائمة مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الزراعة تشكو من زيادة المرضى، وضعف الحصول على الكلية المناسبة، أين يكمن الخلل؟
ــ كما ذكرت يوجد العديد من الدراسات التي أجريت في المملكة فيما يخص الفشل الكلوي النهائي ومعدلات حدوثه ونسب انتشاره وهناك العديد من الاستراتيجيات التي اتخذت فيما يخص الكشف المبكر عن الأذية الكلوية، ورغم ذلك توجد زيادة سنوية في عدد المرضى وهذا ليس بخلل وإنما هو حتمي وفق معدلات الزيادة السنوية لعدد السكان، أيضا ذكرت أن مشكلة التبرع بالأعضاء هي عالمية، وبالتالي ضمن هذه المعادلة سوف يكون هناك زيادة حتما في عدد مرضى الفشل الكلوي الذين ينتظرون الزراعة، وآخر إحصائيات المركز في آخر تقرير سنوي مفيدة جدا في إيجاد حلول على أرض الواقع.
التوجه للخارج
• مازال العديد من المرضى يحدوهم الأمل في السماح لهم بزراعة الأعضاء في الخارج على نفقة المركز، ما رأيكم؟
ــ المركز لا يقوم بإرسال المرضى للخارج إلا في بعض الحالات الخاصة المستعصية غير المتوفر علاجها والتي تضاءلت جدا، أما الزراعة التجارية فلا يوافق المركز السعودي لزراعة الأعضاء على مثل هذه الممارسات، حيث يعتبرها غير أخلاقية، كما تفتقر إلى أبسط الشروط الصحية وهذا ما يؤثر على سلامة المريض المتلقي لزراعة عضو وكذلك المتبرع ومستقبله الصحي.
وقد تمت مراجعة تلك التنظيمات في العديد من الدول من قبل منظمة الصحة العالمية وذلك وفق إعلان إستانبول الذي شاركت المملكة في صياغته والذي يعمل على وجوب إغلاق غالبية تلك المراكز، حيث يخضع المتبرعين الأحياء في تلك الدول للسمسرة ويحصلون على مبالغ زهيدة جدا.
إرهاق الغسيل
• بعض الحالات تتجه للخارج لزراعة الأعضاء وخصوصا الكلى، لاسيما أن حياتهم أصبحت مهددة وأن الغسيل الدموي قد أرهقهم تماما، بماذا تنصحون هؤلاء؟
ــ الزراعة للكلى في الخارج أصبحت مقفلة تماما، خصوصا بعد إعلان إستانبول لمنظمة الصحة العالمية وننصح بعدم السفر، حيث كانت تجرى بشروط غير صحيحة عدا الأمور الأخلاقية، ونؤكد مجددا على أهمية الاكتفاء الذاتي في تأمين متبرع قريب أو غير قريب وفق ضوابط موضوعه وضمن سعي المركز الحثيث لزيادة حالات التبرع خصوصا من المتوفين دماغيا.
تبرع غير الأقارب
• بعد البدء في مشروع التبرع من غير الأقارب بمراعاة الضوابط الطبية، كيف تقيمون استجابة المجتمع مع المشروع؟
ــ بالنسبة للتبرع من الأحياء غير الأقارب، توجد لجان طبية في كل مركز زراعة تدرس كافة حيثيات التبرع من الناحية الأخلاقية والنفسية وعدم تأثير التبرع على صحة المتبرع ومع مرور العام الثاني من التجربة وتطبيقها، نرى أن كافة المراكز ملتزمة أخلاقيا وتتوخى التأكد من عدم وجود أي ممارسة تجارية وتقييمنا أنه يشكل رافد فرعي مهم للمتبرعين الأحياء، على سبيل المثال العام الماضي كان عدد الكلى المتبرعة من الأحياء غير الأقارب 84 كلية من أصل 360 كلية من مجمل عدد المتبرعين الأحياء، لكننا نقبل بهذا الرافد ونأمل زيادة العدد للمتبرعين الأحياء غير الأقارب شرط أنه غير تجاري.
الحوافز المشجعة
• ما هو الجديد في برامج زراعة الأعضاء والحوافز المشجعة للمتبرعين؟
ــ الجديد في برنامج زراعة الأعضاء في المرحلة الحالية هو صدور قرار مجلس الوزراء بتخصيص ميزانية منفصلة للمركز تحت رعاية مجلس الخدمات الصحية وخطة المركز الحالية تتمثل في الاستفادة من هذه الميزانية في إنشاء المكاتب الإقليمية في كل أنحاء المملكة وتطبيق نظام الحوافز الشخصية للمتبرعين وذويهم.
أما بخصوص المتبرعين تعتبر الحوافز المادية تكريما من الدولة للمتبرع، سواء أثناء حياته أو بعد الوفاة، وذلك يعبر من مؤازرة المجتمع للمرضى المصابين بفشل عضوي نهائي وحيوية حصولهم على عضو كالكلية أو جزء من الكبد إنقاذا لحياتهم. وقد جاء قرار مجلس الوزراء الموقر بمنح تعويض مادي للمتبرع الحي بعضو أو جزء منه أثناء حياته تقديرا من الدولة وأسوة بالتعويض المادي المعمول به للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إضافة إلى مزايا متعددة تشمل منح وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة وتخفيض على بطاقات الطيران، وأمور عدة كل هذا بوجود جهة حكومية تشرف على ضوابط التبرع بالأعضاء وتؤكد أهميته الحيوية، سواء كانت من الأحياء أو بعد الوفاة.
منسقو الزراعة
• المنسقون في حالات الوفيات في المستشفيات يحدوهم الأمل في منحهم حوافز مشجعة؛ نظير جهودهم في إقناع الأسر على التبرع، ما رأيكم؟
ــ بخصوص المنسقين لزراعة الأعضاء في المستشفيات والمراكز فقد قامت جمعية الأمير فهد بن سلمان لرعاية مرضى الفشل الكلوي (كلانا) بجهود مميزة لدعم برنامج التبرع بالأعضاء وتوفير حوافز للعاملين في العنايات المركزة والمنسقين ومن ضوابط أخلاقية واضحة، وكان ذلك بمبادرة نيرة من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان المشرف العام على جمعية (كلانا) بتبرع خيري من مؤسسة السبيعي لدعم هذا البرنامج الوطني، وقد بدأنا بتوزيع الحوافز للمنسقين العام الماضي، وذلك ضمن معايير واضحة لقاء الجهد الإضافي المبذول في متابعة حالات التبرع وسوف نستمر في صرف مثل هذه الحوافز، والتي كان لها الأثر الطيب في تنشيط التبرع بالأعضاء وزراعتها لدعمهم في صرف الحوافز للمنسقين.
ثقافة المجتمع
• يعاني المركز السعودي لزراعة الأعضاء من ضعف ثقافة المجتمع وتفهمه بالخدمات التي يقوم بها، هل هناك توجه لإعداد برامج جديدة لمواجهة ذلك؟
ــ نعم لدينا برامج لمواجهة ذلك، حيث مازال هناك حاجة ماسة لزيادة ثقافة المجتمع، سواء للعامة أو للكادر الطبي في مختلف القطاعات الصحية، ونحن بحاجة إلى تعاضد وسائل الإعلام معنا، ونشكر لكم دوركم البناء عبر وسائل الإعلام المكتوبة وعبر «عكاظ» تحديدا في إيصال المعلومة الطبية الصحيحة لأفراد المجتمع، ونأمل تفعيل دور الإعلام الإيجابي للأفضل، وأيضا لدينا خطة لحملة وطنية سوف يتم إقرارها مع الميزانية الجديدة للمركز.
المتبرعون بالأعضاء
• كم وصل عدد المتبرعين بالأعضاء الأحياء والمتوفين دماغيا منذ بدء نشاط المركز؟
ــ بلغ عدد حالات زراعة الكلى من المتبرعين الأحياء داخل المملكة منذ بداية البرنامج وحتى نهاية هذا العام 4472 حالة، بينما بلغ عدد حالات الزراعة من المتوفين دماغيا 2219 حالة، بدأ برنامج زراعة الكبد في المملكة في العام 1990 وحتى تاريخه تم زراعة 935 كبدا منها 368 كبدا زرعت من متبرعين أحياء، سواء للأطفال في مستشفى القوات المسلحة الرياض أو للبالغين بكل من مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ومستشفى الملك فهد التخصصي في الدمام ومستشفى الملك فهد للحرس الوطني، بينما بلغ مجموع الأكباد المزروعة بالتبرع بعد الوفاة 568 عملية زراعة كبد، في هذا العام تمت زراعة 58 من متوفين دماغيا.
وخلال الفترة من 1986 ــ 2010م، تمت زراعة 186 قلبا كاملا بالإضافة إلى 515 قلبا أخرى استخدمت كمصدر للصمامات البشرية، في هذا العام كان عدد القلوب التي زرعت كقلب كامل 18 قلبا، بينما كان عدد تلك التي استخدمت كمصدر للصمامات البشرية 18 قلبا.
التلوث البيئي
• ماهي أسباب تزايد أعداد مرضى الكلى، وهل هناك علاقة بين المرض والتلوث البيئي؟
ــ هناك عدة أسباب رئيسة لتزايد أعداد مرضى الكلى ومن أهمها زيادة نسبة المرضى بالسكري وارتفاع التوتر الشرياني، أما التلوث البيئي فله دور مساعد.
مياه التحلية
• أخيرا، هناك من يرى أن مياه التحلية من أهم مسببات الإصابة بالفشل الكلوي، ما مدى صحة ذلك؟
ــ لا توجد أي دراسات علمية مثبتة أن هناك دورا لمياه التحلية في مسببات الإصابة بالفشل الكلوي، وبشكل عام أيا كانت المياه مادامت معدة وصالحة للشرب فإننا ننصح بزيادة شرب السوائل كعامل وقاية من أمراض الكلى والمسالك البولية.